
الموقع الجغرافي مورد مهدور ..1
سالم الامين :
يوغندا أكبر مصدر للبن في منطقة شرق أفريقيا ، ولا تنتج نصف ما تنتجه بوروندي ، أكبر دولة مصدرة للأخشاب و إنتاجها أقل من إنتاج جنوب السودان . أكبر مصدر للذهب و إنتاجها أقل من الكونغو …!!
حكومات يوغندا ببرغماتيتها تستفيد من موقعها الجغرافي في تجميع المحاصيل و المعادن المنتجة في دول الجوار و إعادة تصديرها باسمها و تستفيد من العائدات في توفير العملة الحرة و استقرار سعر الشلن .
صديق يوغندي يحمل شاحنة دقيق زرة شامية مزروعة و مطحونة في أوغندا، يذهب بها إلى كبويتا في جنوب السودان يبيعها و يشتري بعائدها ما لا يقل عن ثلاثة كيلو ذهب . ثم يتم تنظيفه و تصديره من كمبالا باعتباره منتج في يوغندا و هكذا معظم السلع التي تصدرها هذه الدولة .
فطن اليوغنديون إلى الموقع الجغرافي الذي يتوسط منطقة شرق أفريقيا ، ففتحوا بلادهم للاستثمارات و للتبادل التجاري مع دول الجوار . فكل الدول مربوطة بشوارع مسفلتة و تتبادل السلع بكل سهولة و بدون جمارك تذكر ، مما خلق حراكا اقتصاديا و وفر فرص عمل واسعة للشباب .
موقع السودان الجغرافي أفضل من موقع يوغندا بكثير ، فهو يربط بين شرق و وسط وغرب إفريقيا ، و كذلك يربط بين شمال أفريقيا و دول جنوب السافنا . و كذلك يربط بين الدول العربية و الدول الأفريقية …
هذا الموقع مورد اقتصادي كبير يمكن أن نستفيد منه إن تمت إدارته بعقلانية ترتبط بالمصالح بعيدا عن عقلية التنميط المسبق ، و بعيدا عن العقلية الأمنية التي حبستنا في نطاق ضيق لا تستطيع الأجهزة التنفيذية تجاوزه .
الجوار الأفريقي اليوم يمثل سوق ضخم يمكن أن نصدر إليه الكثير من مواردنا و صناعتنا التي تستطيع أن تنافس في تلك الأسواق البدائية . و كذلك يمكننا أن نخلق سوق محلي تجتمع فيه موارد دول الجوار الزراعية و الحيوانية لنعيد تصديرها إلى الأسواق العالمية بإسم السودان .
مثلا إنشاء مسلخ حديث في جنوب دارفور و تجهيز بنية تحتية متكاملة من مطار دولي و ثلاجات حديثة ، و مد الطرق البرية و الحديدية ، و انشاء الفنادق ، و توفير مصادر المياه في أطراف الولاية ، هذا المشروع سيجعل من السودان أكبر مصدر للحوم في العالم ، بالإضافة للثروة الحيوانية التي تذخر بها الولاية ، فإنها تعتبر نقطة عبور للرعاة البقارة الذين يجوبون القارة السمراء من أقصى غربها إلى شرقها ، توفير المراعي و مصادر المياه الدائمة سيجعل المنطقة وجهة لكل الرعاة في غرب و وسط أفريقيا . يمكننا الاستفادة من رعاة مالي و النيجر و افريقيا الوسطى و الكاميرون و تشاد . و بمرور الوقت ستكون الولاية سوقا و مركزا مشهورا للثورة الحيوانية . كل ما علينا فعله أن (نشتت الحبوب و سيجتمع الحمام) . التجهيزات و التسهيلات و الراحة التي يجدها الرعاة ستكون هي الحبوب التي نجلب بها الحمام .
إنشاء مصانع للأعلاف والادوية البيطرية الجيدة سيعود على البلاد بعملة حرة من دول الجوار أو بثروات و معادن نعيد تصديرها .
سيستفيد القطاع الخاص بإنشاء مصانع للجلود و الأحذية، و تتوفر فرص عمل كبيرة للشباب . و اهم شئ هو تطور المنطقة و نموها الذي يطوي ملف الحرب إلى الأبد، و ذلك بمحاربة الفقر و نشر التعليم و الوعي الذي يتبع التطور و التنمية .
على السياسين و المسؤلين النظر خارج الصندوق للاستفادة من الموارد التي تذخر بها البلاد ، و على المواطنين تغيير النظرة الاستعلائية التي ينظرون بها إلى أفريقيا و إلى كل ما هو إفريقي ..
العالم يتطور من حولنا بسرعة ، فإن لم ننتبه سنستيقط يوما لنجد أنفسنا في الزيلية، فالفرص لا تزال أمامنا مواتية للتحرك بطرح المبادرات التنموية
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …