
من الذي جرب زراعة (البامبي )؟؟
بشري احمد علي :
زيارة السيدة وزيرة المالية هبة محمد علي لمنجم جبل عامر كان لها رونق خاص ، فقد ذهبت وهي ترتدي الساري الهندي لتكتب شهادة خلو الطرف للجنرال حميدتي وهي التي رفضت استلام كل ثروات الكيزان التي صادرتها لجنة تفكيك التمكين …
وصف صحفي غربي يعمل في منظمة الازمات الدولية ، وصف منطقة جبل عامر بانها اشبه بكولومبيا في امريكا الجنوبية ، ولا يعمل كل الناس في الذهب ، بل هناك خدمات مساندة للعاملين تقدم الغذاء والخمر والنساء ، وهناك مطار صغير للطائرات المروحية ، وقد وصفها ذلك الصحفي بانها منطقة قارة لمجتمع يشمل مختلف الجنسيات ، من افريقيا واروبا واسيا ، اما المسيطر الحقيقي فهو الجنرال حميدتي والذي شببه باسوكوبار زعيم المافيا الكولمبي ، وتشرف قواته علي التدقيق في هوية القادمين ومعرفة نواياهم ، فالصورة التي نراها لحميدتي في الخرطوم فهي غير الصورة السائدة في جبل عامر حيث يتحول الي قاضي وجلاد ويبطش بكل من سولت له نفسه خرق البرتكول ..
والخبر الحزين الذي أود قوله أن منطقة جبل عامر مثل جزيرة الكنز التي قرأنا عنها في الأدب الانجليزي ، جزيرة قراصنة وقطاع طرق ولم تخضع يوماً لسلطة الدولة السودانية ناهيك ان تقع مناجمها في يد سلطة وزارة المالية ، والفرق بيننا وبين القرصان الأعرج جون لونغ سلفر ، ان حميدتي نجح في بيع الجزيرة للحكومة بعد ان أستلب الكنز .
ويوجد في جبل عامر مستشفى ميداني يديره طبيب فرنسي ، فهو يوفر الحبوب المنشطة والترياق لسم (عقرب الجمال ) وهي من أكثر العقارب التي تحمل مخزوناً مركزاً من السم المركز وهي تختلف عن العقرب التقليدية في الشكل وتركيبة السم ، فهي تشبه crab ، وهي لا تطلق السم دفاعاً عن النفس ، بل هي تطارد عدوها ، مثل حميدتي ، من ركن الي ركن ، ومن زقاق الي زقاق ، وصراحة عندما رايت السيدة وزيرة المالية وهي تتبختر بالساري مثل هيماماليني في فلم (الشعلة ) الشهير للمثل اميتاب باتشان خفت عليها من عقرب الجمال السامة ، في السودان نحن لا نهتم كثيراً بمسالة السلامة المهنية في مكان العمل حيث يرتدي العمال الخوذة وحذاء السلامة ، بل المهم هو media show .. فأكبر مستشفيات تل أبيب لا يمكنها شفاء لسعة عقرب الجمال ان كانت السيدة الوزيرة تري في الامر استحقاق ركوب حصان المخاطرة ، ولكن شيوخنا في دارفور طوروا (حجاباً) يجعل لسعة عقرب الجمال مثل قرصة النملة ولكن لهذا ( الحجاب ) (source code ) ، فلا يعمل تحت كل الظروف ويستطيع المبرمج استعادة خصائصه دون ان تدري ..
حقل (البامبي )
الاستثمار في هذا الحقل كله مكاسب ، يتمكن المزارع من بيع العرق كعلف لاصحاب الماشية ، ثم ينقب في الأرض ويستخرج (البامبي ) ويبيعه في سوق الخضار ، بعدها يقوم بجرف الأرض عن طريق المحراث ثم يستخرج البامبي الذي غطس أكثر في باطن التربة ، ولم تنتهي رحلة التنقيب بعد ، بعد عدة شهور وفي وقت الفراغ يستخدم الساطور لاستخراج بقية الثمار والتي تكون قد نضجت وكبرت بعد (الكشة ) الأولى والثانية ..
وهذا بالضبط ما حدث في منطقة جبل عامر ، فقد رحل كل المنقبون حتي الفرنسي صاحب المستشفى ترك الجبل وذهب الي بلاده ، كان الجبل خاوياً وخالي من السكان والمعادن ، وكانت اقدام السيدة وزيرة المالية هي اول من وطأته بعد أن هجره الناس ، وقد استلمت المنجم ومضت على الأوراق ومنحت الجنرال حميدتي شهادة خلو الطرف وابراء الذمة …
هذا هو السودان ، كما قال الممثل كيفن كوستنر في احد أفلامه :
the one who has the gun, is the one who sets the rules
فتركت السيدة وزيرة المالية شئون مكتبها لتستلم منجماً فارغاً في جبل عامر ، وبذلك يكون الجنرال حميدتي قد صادر كل الدولة السودانية وموظفيها وعسكرها ووضعهم في جيبه، بل صادر راي الجميع وجعلهم دمي في مسرح العرائس
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …