‫الرئيسية‬ رأي يتحملون وزر ما حدث وما سيحدث
رأي - ديسمبر 11, 2020

يتحملون وزر ما حدث وما سيحدث

اسلام صالح :

تصدمني النشوة التي يعيشها بعض الإسلاميين، فرحين بالفشل الذي تغرق فيه حكومة قحت!! وبالطبع فإن حالة النشوة هذه يخالطها شعور بالشماتة بالشعب السوداني، الذي في نظرهم قد ” تهور” بإسقاط حكمهم وتجريبهم لغير المجرب.

لا شك أن تجربة (قحت) وأداء حكومة “الكفاءات” التي تحتضنها غارقة في الفشل، وهو فشل مرده لعدة أسباب منها ما يرتبط “بالحاضنة” و “المحضونة”، وما يرتبط بالداخل والخارج، والموضوعي وغير الموضوعي، لكن أهم أسباب ما تشهده الفترة الإنتقالية من فشل وما يعانيه الوطن من أزمات هم الإسلاميون أنفسهم، لأنهم دون بقية القوى السياسية هم أصحاب التجربة (الأطول والأسوأ) في حكم السودان..!! ويتحملون وزر ما حدث وما يحدث.. وما سيحدث من نكبات.

– فشلت حكومة حمدوك لأنها وجدت خزينة منهوبة، وبنى مهترئة ومشاريع خاسرة، ومنها ما بيع بأبخس الأثمان.
– فشلت حكومة حمدوك لأنها وجدت خدمة مدنية عاطلة، وقدرات معطلة، وطاقات مهمشة لم يُحسن توظيفها أو إدارتها.
– فشلت حكومة حمدوك لأنها وجدت وطناً جريحاً أنهكته الصراعات، ونسيجاً إجتماعياً مزقته القبلية والعصبية وسياسة فرق تسد.
– وأخيراً.. فقد فشلت حكومة “الكفاءات” لأنها أتت خالية من الكفاءات..!! فاستوزروا من بغاث الطير وقليلي الخبرة ومدعييّ المعرفة، وزاد من الطين بلة أن يعمل هذا الهجين أو الفريق الحكومي بلا رؤية أو خطة ولا هدى ولاكتاب منير ..!! لكن كيف نغفل أن مافاقم من هذا التردي أن الإنقاذ عمدت طيلة ثلاثين عاماً إلى إقصاء الكفاءات الناجحة حتى من غير معارضيها (وفقاً لقاعدة من ليس معي فهو ضدي) فأفرغت الوزارات والدواوين من كل صاحب رؤية أو عقل مستنير..؟!!

قحت ومحضونتها تستحقان كل الهجوم، لكن الإسلاميين لا يمتلكون حق النقد، فالفشل الذي نعيشه اليوم تتحمل وزره الإنقاذ التي أفسدت الحياة السياسية، فعطلت الأحزاب بدءً، ثم أعادت لبعضها الحياة بقدر ومقدار ولاء قادتها لها، فانشغل هؤلاء بالمكاسب والمناصب، وانصرفوا عن كل مامن شأنه إصلاح حال أحزابهم المتكلسة.

فعلت الإنقاذ كل ذلك لأنها لم تكن طيلة ثلاثين عاماً مشروعاً وطنياً يسعى إلى أن يلتف السودانيون حوله، وليتوافقوا على ثوابت وطنية يعملون لها وعلى أساسها، وليجنبوا بلادهم ما تعيشه من فشلٍ اليوم.

ليس من حق المنتشين بفشل (الحاضنة) و(ربيبتها) أن ينتشوا، فحمدوك لم يتول السلطة عبر انتخابات جرت بنزاهة وشفافية في عهد البشير (الزاهي المزدهر) ، أو بموجب انتقال سلس للسلطة، ليعود الشعب من بعدها بالتصويت لصالح السلف والإعتذار له عن الخطأ وسوء التقدير.

لا يمكن البناء على أساسٍ معوج قبل تقويمه أو إزالته وإحلاله بآخر جديد.. وكما كتبت تكراراً ، فإن الإسلاميين (من بقي منهم مع الإنقاذ إلى أن لفظت أنفاسها) هم في مأزق أخلاقي كبير..!! فمشروع الإنقاذ لم يكن إلا مشروعاً سلطوياً، دام ثلاثين عاماً، مستنداً على دعامتي الفساد والقمع، ولم يكن بناء الوطن وتطوير مقدراته وموارده أكبر همهم ولا ضمن أجندتهم، أو هدفاً من أهدافهم.

يجدر بتيار الإسلاميين قبل كل شيء أن يتطهروا من تجربتهم في الحكم ومن نتائجها الكارثية على البلاد والعباد. وقبل أن يقفزوا مباشرة لمرحلة توجيه النقد والتقريع لمن خلفهم، عليهم أن يتذكروا أنه ليس بمقدورهم القفز على حقائق التاريخ ومحو ثلاثين عاما من ذاكرة الشعب السوداني.

إذا ما أراد الإسلاميون خوض التجربة الديمقراطية القادمة، فإن أولى مقتضيات هذه الخطوة هي الإعتراف بالخطأ الذي ارتكبوه بحق السودان وبحق الديمقراطية التي وأدوها، وقبل ذلك ما اقترفوه بحق الإسلام والشريعة التي أساؤوا إليها بتجربتهم الشائهة.
كذلك فإن من مقتضيات هذه الخطوة العكوف على مراجعة فكرية تؤسس لمنهاج وممارسة سياسية جديدة، في ظل دستور يحمي الحريات ويرعى مبدأ التداول السلمي للحكم،،
إفعلوا هذا لأجل الوطن، وقبل أن ترقصوا طرباً لفشل هذا أو ذاك.

‫شاهد أيضًا‬

مع السلامة

الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …