‫الرئيسية‬ رأي الجوع واحد ولو تمايزت اللوحات
رأي - يناير 10, 2021

الجوع واحد ولو تمايزت اللوحات

د. معتصم اقرع :

تجدر الإشارة إلى أن الغالبية العظمي من الأحزاب السياسية و قادة الرأي أبدوا رد فعل قوي لقضية لوحة ذات المناهج وتداعياتها الدرامية.

هذه الاستجابة مفهومة وصحية فالمعركة مهمة . ما غير صحي هو أن كل هذه الأصوات والأحزاب صمتت صمت القبور (عدا همهمات ابراء الذمة التي لا يعتد بها) عن السياسة الاقتصادية والارتفاع الفلكي الذي لا هوادة فيه في الأسعار الذي ينجم عنه تفاقم الفقر والجوع والتفكك الاجتماعي.

يأتي هذا السكوت البليغ رغم ان هذا التضخم يشكل تهديدا مباشرا لكرامة الأفراد والأسر ، ويهدد التماسك الاجتماعي والأخلاقي، ويغيم مستقبل التحول الديمقراطي ويعرض وجود هذه الأمة لخطر عظيم.

باختصار ، فشلت جميع الأحزاب السياسية ، سواء كانت إسلامية أو في المعسكر الآخر ، ومعظم أصوات الرأي العام القيادية ، وكل الذين يصرخون الآن من أجل لوحة عتيقة، وذهلوا بشكل كامل ومتعمد عن تقديم رد فعل قوي ومماثل على أكبر تهديد للأمن القومي: الإدارة الكارثية الاقتصاد.

وبذلك يكون لسان مقال أهل الدين للشعب لا يهم ان تأكل من أكوام القمامة, ما يهم هو نصرة الرب بـحماية اطفالك من لوحة لا تنفع ولا تضر.

وانكأ من ذلك ان لسان حال الصفوة المتعلمنة يقول للشعب لا يهم ان تجوع ويذهب الفقر بكرامتك ويفكك اسرتك, ما يهم هو تسجيل انتصار ثقافي ضد الرجعية الدينية وإدخال اطفالك عصر التنوير حسب مقاييسنا.

ولا يسأل سكان المعسكرين انفسهم عن حقوق الطفل في عشاء وافطار قبل ان تكحل عينيه تلك اللوحة أو لوحة أبو دجانة بدلا عنها.

لسوء الحظ ، لا يمكن تفسير هذه المفارقة إلا بالقول إن هذه الأحزاب والأصوات لا تتمركز سياستها حول حق الشعب وبالذات الفقراء في الطعام والدواء والحد الأدنى من الكرامة البشرية.

وكلا المعسكرين يلعب نفس لعبة الشرعية السلبية.

فمعسكر التدين المغشوش يستمد شرعيته من التظاهر بحماية الدين من مؤامرات العلمانية بينما يسعي المعسكر الاخر الِي اكتساب شرعية من كونه النقيض لمعسكر الدولة الاخوانو-سلفية التي اثبتت فشلها في ثلاثة عقود من الحكم.

وفي الحالين تغيب الشرعية الإيجابية بـالإنجاز ولا عزاء للمواطن ولا لأطفاله الذين حكم عليهم بالجوع مع أهازيج الجهاد لحماية الرب أو مع لوحات عصر النهضة, انه نفس الجوع.

هل لكل هذا الانفصام عن مركزية الاقتصاد علاقة بكون الصفوتين , الربانية والمتعلمنة, أقل تأثراً بالأزمة الاقتصادية المتفاقمة؟ ام أن الامر يتعلق بكون المعسكر الديني اصلا لا يفقه في الاقتصاد غير المرتبات الشحيمة التي يتقاضاها بينما المعسكر الاخر يهجر جبهة الاقتصاد حتى لا يكتب في مدن الملح وعند الغرب شقيا؟

‫شاهد أيضًا‬

مع السلامة

الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …