
توقيع الوثيقة الدستورية.. هل بات الطريق ممهداً لـ”الانتقالية”؟!
صحت العاصمة السودانية الخرطوم السبت، على وقع توقيع قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي، لاتفاق بالأحرف الأولى للوثيقة الدستورية، ما قد يُمهد الطريق لبدء تشكيل هياكل السُّلطة الانتقالية فعلياً.
رحلة التفاوض
أطاح الجيش في الحادي عشر من أبريل الماضي، بنظام الرئيس السابق، عمر البشير، مُسمياً مجلساً عسكرياً انتقالياً، بقيادة النائب الأول ووزير الدفاع السابق في عهد البشير، عوض بن عوف، لكن سرعان ما أجبره الضغط الشعبي على التنحي في غضون 30 ساعة، ليخلفه عبد الفتاح البرهان رئيساً للمجلس في الثاني عشر من أبريل.
بُعيد أيام قليلة من تسلم البرهان رئاسة المجلس العسكري، بدأت مفاوضات بينهم وقوى الثورة التي تمثلها قوى إعلان الحرية والتغيير، وفي أعقاب ماراثون تفاوضي، أعلن الطرفان الوصول إلى اتفاق بنسبة 90%، حيث تم الاتفاق على تشكيل هياكل للسُّلطة الانتقالية، مكونة من: مجلس تشريعي مجلس وزراء ومجلس سيادة.
الاتفاق الذي تم الإعلان عنه وقتها، ضمن نسبة 67% لقوى الثورة في المجلس التشريعي، والحق في تشكيل مجلس وزراء مدني بصلاحيات كاملة، فيما انحصر الخلاف بين الطرفين، في تشكيل مجلس السيادة، حيث رأى المدنيون أن يتشكل من أغلبية ورئاسة مدنية، مع تمثيل رمزي للعسكرين، فيما رأى المجلس العسكري العكس.
في تلك الأثناء، كان الشارع السوداني يُمسك بزمام الأمور، حيث يعتصم الآلاف أمام المقر الرئيس للجيش بالعاصمة، يحرسون مطالبهم بتسلم المدنيين السُّلطة دون شرط أو قيد، فيما تراوح المفاوضات مكانها، دون تقدم حاسم.
تعليق المفاوضات
في السادس من أبريل، احتل المتظاهرون السلميون، الميادين الرئيسة قبالة مقر الجيش، مطالبين بسقوط البشير، وهو الأمر الذي تحقق بغضون خمسة أيام، لتتحول المطالب بعدها بتسلم المدنيين للسُّلطة، ليصير ميدان الاعتصام، ميداناً لحراسة أهداف ثورة ديسمبر.
بعد نحو 3 أشهر من بدء اعتصام القيادة العامة للجيش، وتحديداً في الثالث من يونيو الماضي، فرّقت قوات تابعة للمجلس العسكري الاعتصام بالقوة، موقعة عشرات الضحايا بين قتيل وجريح ومغتصب، ولم تمر سوى 24 ساعة حتى أعلن البرهان إيقاف التفاوض مع قوى إعلان الحرية والتغيير.
قوى إعلان الحرية والتغيير، أعلنت من جانبها، رفضها لأية مفاوضات مباشرة مع المجلس العسكري، قبل أن تحمله مسؤولية تفريق الاعتصام بالقوة، لكن بعد أيام قليلة هبط إلى الخرطوم رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، حاملاً معه وسّاطة لتقريب وجهات نظر الطرفين، تزامناً مع تعليق مفوضية السلم والأمن الافريقي عضوية السودان في جميع أنشطة الاتحاد الافريقي.
التقى أحمد الطرفين، كل على حدة، وقبل أن يعود إلى بلاده، أعلن إبقاء مواطنه السفير محمود درير، مفوضاً منه للعمل مع الطرفين من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات، ومع استمرار الوساطة الإثيوبية، أرسل الاتحاد الافريقي، السفير محمد ولد لبات ممثلاً للوساطة الافريقية، لتصبح وسّاطة مشتركة.
الثلاثين من يونيو الماضي، شهدت البلاد مسيرات مليونية، تنديداً بتفريق الاعتصام بالقوة، ولم تمر سوى 4 أيام على المليونية، حتى تم الإعلان عن عودة الطرفين للتفاوض، لينتج عنه التوصل لاتفاق بين الطرفين، في الرابع من يوليو الماضي، حُسمت فيه المعضلة الرئيسية، المتعلقة بمجلس السيادة، حيث تم الاتفاق على أن يتكون من 5 مدنيين ومثلهم عسكريين، على أن تكون الشخصية الحادية عشرة مدنية من خلفية عسكرية.
السابع عشر من يوليو الماضي، شهد التوقيع بالأحرف الأولى على ما وصف بالاتفاق السياسي، بين الطرفين مركزاً على القضايا السياسية وتاركاً التفاوض على الإعلان الدستوري الذي ينظم المرحلة الانتقالية إلى وقت لاحق.
صباح اليوم السبت، بقاعة الصداقة بالخرطوم، والتي شهد محيطها وجوداً جماهيرياً كبيراً، وقع ممثلو الطرفين بالأحرف الأولى على الوثيقة الدستورية، التي تنظم الحكم خلال الفترة الانتقالية.
الوثيقة الدستورية التي جرى توقيعها اليوم، تبدو أنها باتت بالفعل طريقاً مختصراً للوصول إلى تكوين مؤسسات السلطة المدنية الانتقالية، فسرعان ما تم الإعلان عن جدول زمني لاتفاق تقاسم السُّلطة بين المدنيين والعسكريين، حيث من المنتظر أن يوقع الاتفاق بين الطرفين في السابع عشر من أغسطس الحالي، بحضور إقليمي ودولي، ويعقبه في اليوم التالي تشكيل مجلس السيادة، وفي العشرين من الشهر نفسه سيتم تسمية رئيس الوزراء، ليكون يوم الثامن والعشرين من أغسطس مكملاً لتشكيلة مجلس الوزراء، إيذاناص ببدء السّلطة الانتقالية المدنية.
الدعم السريع يفرج عن 28 من عناصر الجيش
كادقلي – الشاهد: أطلقت قوات الدعم السريع سراح 28 من الجيش تم أسرهم قبل نحو اسبوع في …