
أقيلوا المراجع العام وستتساقط الانقاذ أمام اعينكم حجرا حجرا
حسين مهدي إسماعيل
عشرون عاما قضيتها من عمري مراجعا عاما لكل المؤسسات الحكومية في كل أنحاء السودان إبان فترة الانقاذ .. عشرون عاما عملت خلالها بجل ولايات السودان ومنها ولاية الخرطوم ، ولاية القضارف ، ولاية كسلا ، ولاية الجزيرة وولاية نهر النيل..أستطيع أن أقول وبكل صدق أن فساد الانقاذ لم تره عين ، ولا سمعت به أذن ، ولا خطر على قلب بشر ..عشرون عاما حركت فيها مختلف انواع القضايا الجنائية بالتعدي على المال العام ومخالفة القانون الجنائي لسنة 1991 بكافة مواده ضد نافذين ومتسلقين لنظام الانقاذ ، ولم أترك مؤسسة في هذه الولايات اللا ولي فيها أحد أصبته بضربة سيف أو طعنة رمح أو شكة خنجر ..عشرون عام وتقاريري تعج بكل انواع الجرائم من خيانة الامانة العامة ، والتملك الجنائي ، والتكسب عن طريق الاحتيال ، وتضارب المصالح conflicts of interests ، وغسيل الاموال العامة ، والاختلاسات ، والثراء الحرام ، والتكسب من وراء كرسي الوظيفة العامة ، واستغلال النفوذ الوظيفي ، والرشاوي ، ولم يتم تقديم تقرير واحد من تلك التقارير التي أودعتها جميعا منضدة النائب العام وفُتحت فيها بلاغات وحُركت فيها اجراءات لاي من المحاكم ولم يحاسب فيها احد ، ودائما تتوقف عند النائب العام ولا تتعداه لسوح القضاء والعدالة!!ودائما يعاد المتهم للخدمة وفي وظيفة ارفع مما كان عليها قبل وقوع الجريمة ، كما أنني وطيلة فترة العشرين عام هذه والتي قضيتها في ديوان المراجع العام لم أشهد أي قضية (على كثرة تلك القضايا)في المال العام قد تم تحريكها بواسطة المراجع العام ضد أي نافذ في نظام الانقاذ أو دستوري أو جمهوري اعتدى على المال العام للمحاكم وفي كل أنحاء السودان وحتى سقوط النظام ولم يُحاكم أي سوداني في قضايا فساد (رغم انتشاره) ، مع ذلك لا زال المكون العسكري بالمجلس السيادي يحتفظ بالمراجع العام لجمهورية السودان الطاهر عبد القيوم في منصبه لطمر إرث الثلاثين عام من فساد الانقاذ واتلاف مستنداته وسقوط جرائمه بالتقادم المسقط للدعوى الجنائية وحكومة ثورتنا لا تعمل على إقالة المراجع العام ولا تعمل على تطهير ذلك الجهاز الرقابي الخطير من رموز النظام السابق الذين لا زالو في كراسيهم ولا زالوا يحتفظون بكل تلك القضايا (إن لم يكونوا قد اتلفوها) دون تقديمها للمحاكم ، وقد جفت حلوقنا من النباح ونحن نعلم عِظم تلك القضايا وضخامة الاموال التي لم تسترد بموجبها والكم الهائل من موظفي الخدمة العامة والدستوريين والجمهوريين الذين كان ينبغي ان يكونوا خلف القضبان ولكنهم لا زالوا في مناصبهم نسبة لبقاء المراجع العام في منصبه حارسا لبوابة الانقاذيين وممسكا بتلابيب تلك الملفات ومعطلا لاجراءاتها وحاميا الفساد ..أقيلو المراجع العام وستتساقط الانقاذ أمام اعينكم حجرا حجرا ولن يسلم احد والكل والغ في دمكم..
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …