
و لهم في خدمة الشعب عرق
البراق النذير :
المجد للشهداء الذين ما أرادوا علواً في الأرض ولا فسادا
التحية للجرحى الذين حملوا الآلام والآمال، فاحتملوا الأولى ورووا الثانية بالدم
لكن للمهاجرين والمغتربين عرق، وما من بيت أو أسرة في بلادنا إلا أصابته منه قطرات، فهناك تعلم الأخ وهنا تخرجت البنت وكذا قام البناء وهكذا بدأ المشروع.
أسرٌ هدّها الشوق لبعيد طال انتظاره، وعائلات فاوضها مسافر يرجو العفو، فنال السماح والرضا ثمَّ عاد عليهم بالخير..
شقَّ المغتربون الجهات وضربوا بين البلاد، وأكثرهم علّق حلم استكمال العلام وفارق الراحة، أو نال العلام وأيضاً فارق الراحة، وبارح الشوارع التي عشق ترابها وسكب اللحظات بين ظلالها والصحاب؛ فأصبح بين ليلة وضحاها غريب الأرض والدار والوطن، وأمسى وحيداً في الغربة بين الذكريات والشجن.
ما ضاقت البلاد ولكن أحوال العيش ما اتسعت، وما هانت الأرض لكن أيسر الحاجات تمنَّعت، ولما دعا داعي الثورة وانتاش الكرامة سهم قبل الدماء، سارت المواكب في ضواحي الدنيا، وهدر نشيد الخلاص في وديان الاغتراب جنباً إلى جنب مع هتاف الثوار في جوف الوطن. وأما البلاد التي تسودها قوانين تحرم المواكب وتقيِّد التجمع، لم يفتأ من بها يرسل الدعوات المشجعة مع بشارات الجيوب، وجُلهم لما اشتدّت الشدة بدروا.
في هذه الأيام التي نسعد فيها بإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، نذكر هؤلاء، فإن كان لنا وجه حسن هم المُنضرة، وإن ساء ما نفعل كانوا لنا وجاء ومِصْد؛ فإن فزنا فلهم في ذلك نصيب وإن مادت بنا الدنيا مدّوا الأكف لمعاونتنا على الثبات. ولو أنفقنا ساعة في ما نحسن من عمل طلباً للرزق، تعالوا نتذكر من ضاعت سنوات من عمرهم بين من لا يعرف أقدارهم؛ من سكنت البلاد بين طيوف أحلامهم واستوطنت تفكيرهم ورأوها في رواحهم وغدوهم، أو تأبطوا همَّها وهم يساكنون حرّ السموم في الصيف وأكوام الثلوج بين الشتاءات الطويلة، كأمانة ثقيلة الوزن والقيمة.. فما ازدروها ولا استخفُّوا بها.
أو كما قال الشريف محجوب شريف:
الاغتراب يا أبونا ما طول الغياب، الاغتراب فال البخونك ويزدريك
ومليون سلام يا شعبنا
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …